لا حرب في الصحراء ولا تراجع في الكركارات وواشنطن مع الحكم الذاتي.. نقاط أخرجت المغرب منتصرا من معركة مجلس الأمن
استحقت مشاهد الشد والجذب الدبلوماسي التي سبقت قرار مجلس الأمن الجديد حول الصحراء، والذي صدر أمس الجمعة حاملا الرقم 2606، أن توصف بـ"المعركة"، ليس فقط لأنها عرفت صراعا صريحا بين ممثل الولايات المتحدة الأمريكية الداعم لصياغة مساندة للطرح المغربي ونظيره الروسي الذي عمل جاهدا على إبعاد الجزائر عن أطراف الصراع، ولكن أيضا لأنه انتهى بإعلان انتصار صريح في الرباط وإعلان هزيمة ضمني من طرف جبهة "البوليساريو".
وكان القرار الذي صوتت 13 دولة لصالحه، بما في ذلك الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والصين، مقابل امتناع روسيا وتونس عن التصويت، قد نص على تمديد ولاية بعثة "المينورسو" لسنة إضافية، لكن في طياته حمل عبارات عديدة جعلت المغرب يعتبر، عبر وزير خارجيته ناصر بوريطة أنه، "كرس المكتسبات المغربية" معلنا أن المملكة "تشيد به"، في الوقت الذي قالت عنه الجبهة الانفصالية إنه "لا يعكس في منطوقه ولا صياغته ما يجري الآن من تطورات خطيرة على الأرض".
لا حرب في الصحراء
ولم يأتِ قرار مجلس الأمن على ذكر وجود أي حرب في الصحراء، وهو ما يتماشى مع الرسالة الأخيرة للأمين العام للأمم المتحدة وتقارير بعثة "المينورسو"، ويناقض جذريا الرواية التي تسوقها جبهة "البوليساريو" والجزائر، لكنه في المقابل نص على ضرورة احترام الاتفاقات العسكرية بشكل كامل والتي جرى التوصل إليها تحت رعاية "المينورسو"، وهو ما لا يعاكس الطرح المغربي والرواية الأممية التي تتحدث عن "الرواية الأممية منخفضة الحدة".
وبدا انعكاس ذلك واضحا على ممثل جبهة "البوليساريو" في نيويورك، الذي حضر باعتباره عضوا في وفد جنوب إفريقيا، والذي انتقد ما جاء في القرار مجددا التذمر مما اعتبره "الأعمال المغربية في الصحراء الذي أدت إلى وقف إطلاق النار وإلى إشعال حرب ستكون لها نتائج وخيمة على المنطقة"، غير أن استخدام عبارة "الحرب" لم يتم الأخذ به لا في الصيغة النهائية للقرار، ولا حتى من طرف أعضاء المجلس بمن فيهم روسيا التي امتنعت عن التصويت.
ترسيح للجدار الأمني الجديد
أما الانتصار الدبلوماسي الأهم الذي حققه المغرب داخل أروقة الأمم المتحدة، فكان هو تفادي القرار إصدار أي دعوة للرباط من أجل التراجع عن توسيع نطاق الجدار الرملي سواء شرقا باتجاه الحدود مع الجزائر، أو في أقصى الجنوب في منطقة الكركارات، وهو التعديل الذي تلا تدخل القوات المسلحة الملكية ميدانيا لإعادة فتح الطريق البري الذي كانت قد قطعته عناصر البوليساريو، وانتهى بفرض واقع جديد يمنع الانفصاليين من استغلال المنطقة العازلة للوصول إلى المنفذ البحري الوحيد المتاح لهم.
وكان المغرب قد استبق اجتماع مجلس الأمن بهذا الخصوص، حين أخبر الملك محمد السادس، الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، والتي أشار إليها هذا الأخير في تقريره الصادر بتاريخ 9 أكتوبر 2021، والتي جاء فيها أن "الإجراءات المتخذة من طرف المغرب بالكركرات كانت من أجل استعادة حرية الحركة المدنية والتجارية وأنها "لا رجعة فيها"، مع التأكيد على "تشبث المغرب بوقف إطلاق النار".
دعم أمريكي للحكم الذاتي
والمثير للانتباه في "معركة القرار 2602" هو الموقف الأمريكي من الملف، الذي لم يبرز فقط من خلال أن واشنطن كانت هي حاملة القلم في الصياغة النهائية للوثيقة، على الرغم من حدة الاعتراض الروسي الذي بلغ حد تأجيل التصويت لـ24 ساعة، ولكن أيضا من خلال تجديد المندوب الأمريكي في مجلس الأمن تأكيد بلاده على أن ها تعتبر مقترح المغرب بمنح حكم ذاتي لمنطقة الصحراء "مبادرة واقعية وذات مصداقية وتلبي طموح الصحراويين".
وفي الوقت الذي كانت فيه التخوف سائدا من تراجع إدارة الرئيس الحالي جو بايدن عن الإعلان الرئاسي المعترف بمغربية الصحراء، الذي وقعه سلفه دونالد ترامب في دجنبر من سنة 2020، إلا أن واشنطن التي عممت موقفها على الدول الأعضاء في يناير من سنة 2021، لم تتراجع عن هذا الموقف، وظلت منسجمة معه عمليا من خلال الدفاع عن مقترح الحكم الذاتي الذي تعتبره الرباط الصيغة الوحيدة القابلة للنقاش في هذا الملف.